الدكتور زياد زنبوعة يكتب : هل فعلاً المصرف المركزي هو حابس للسيولة أم فاقدها؟
فرصة لاتعوض للمصرف المركزي:
![]() |
الليرة السورية مقابل الدولار |
إدارة الأزمات الناجحة تستطيع استخلاص المكاسب من قلب المخاطر، وهذا مايتطلب إرادة قوية ومستقلة نأمل أن تملكها إدارة المصرف المركزي.
في ضوء مانشرته في الأمس، وإذا ما تحققت الظنون حول نهب تريليونات من الليرات السورية، فإني أقترح استبدال الليرة السورية بالسرعة الممكنة، فقد تكون هذه طريقة لكشف الأموال المنهوبة. ومما يساعد على عملية الاستبدال هذه أن خزائن المصرف المركزي وكل البنوك حالياً تعاني أزمة سيولة خانقة بسبب شح الليرة السورية، كما أن معظم رجال الأعمال أصبحت أموالهم بالدولار، أما الشعب المسكين فلم يبق في جيوبه وخزائنه إلا أوراق الشجر. لاأعتقد أن فرصة كهذه ستتكرر. ولاننسى أن فوائد عملية الاستبدال هذه لاتقتصر فقط على حرمان الناهبين من الأموال المنهوبة، وإنما أيضاً تطبيق خطة لحذف صفر من النقد المصدر، وكذلك حذف صور العائلة المجرمة عن النقد، وتخفيض الكتلة النقدية المتداولة، بالتوازي مع توفير في الاهتراء والطباعة وتسهيل عملية التحول الرقمي والمدفوعات الإلكترونية.
وبما أن البناء من الصفر هو فرصة وأفضل من الترقيع من جهة، وبما أن الجهاز المصرفي لدينا متهالك ومتخلف من جهة ثانية، فدعونا نقوم بإعادة بناء هذا القطاع شكلا وجوهراً، أي بنية جديدة ونقوداً جديدة.
سمعنا الأسبوع الماضي أن اتحاد المصارف العربية يقترح على الادارة السورية إعادة هيكلة القطاع المصرفي السوري بالتعاون مع البنك المركزي الألماني.
فإذا كانت هناك فعلا نية وقدرة على إعادة الهيكلة، أي تغيير الكفن، فلما لا نغير أيضاً الميت؟ أي النقد وقد تبخر.
الآن لدينا فرصة سانحة للقيام بذلك، أقصد العمل على الهيكل والنقد في نفس الوقت وفي كل جبهات إعادة البناء ماعدا جبهتين يؤجل الحديث بهما حالياً وهما خصخصة المصارف العامة وتعويم العملة، أما الباقي فلابد من العمل عليه فوراً وهو التالي:
1. تهيئة الكوادر البشرية المؤهلة لقيادة وعمل المرحلة القادمة: إن التخلص من البطالة المقنعة والكوادر المترهلة والذي يجري الآن يصب في الاتجاه المطلوب.
2. تطبيق الحوكمة والامتثال في العمل المصرفي: هذه مهمة متعلقة بسابقتها وهي تحدد ضوابط العمل المصرفي الكفء.
3. معالجة الديون المتعثرة سواء في المصرف المركزي تجاه البنوك والأفراد والمؤسسات، أو في كل المصارف الأخرى.
4. تحضير البنية التحتية المؤهلة للعمل المصرفي المتطور، ومثال على ذلك الانتشار الجغرافي، والتحول نحو الخدمات المصرفية الإلكترونية والتعامل عن بعد، وتوفير كل الطرفيات المصرفية بتوزع جغرافي مدروس ومنهجي يأخذ بعين الاعتبار الواقع الحالي والآفاق المستقبلية للعمل المصرفي وخدماته.
5. تحقيق الشمول المالي والتحول إلى الدفع الإلكتروني: هذه قد تكون هي النقطة المفصلية التي لابد من تحضيرها قبل استبدال العملة، لأنها ستقلب ثقافة التداول النقدي، مما يجعل عملية استبدال العملة ممكنة وسلسة من جهة، ويوفر في تكاليف طباعة العملة الورقية والمعدنية من جهة ثانية، ويحقق الأمان في التداول النقدي من جهة ثالثة، ويحقق قدرة كبيرة للمصرف المركزي في التحكم بوسائل الدفع بيسر وسهولة وسرعة من جهة رابعة.
6. مكافحة غسيل الموال: إن التحول الرقمي سيساعد في مراقبة التحويلات المالية المشبوهة وخاصة الضخمة منها، وقد تساعد في كشف الأموال السورية المنهوبة.
لنبدأ على نظيف دون إهمال لتطبيق العدالة في المرحلة الانتقالية، ومسائلة كل المتورطين سواء في النهب أو التخريب والفساد المالي والاداري.